السـجاد
تعد صناعة السجاد   rugs and carpets    من أقدم الصناعات التي عرفها الإنسان، فمن المرجح أن نسج السجاد بدأ منذ قرون قبل الميلاد، وأن الموطن الأول لهذه الصناعة اليدوية هي السهوب الأوراسية، وأواسط آسيا. ويقال أيضاً إن سجادة الربيع (بهارلو) أو سجادة كيخسرو التي غنمها العرب بعد انتصارهم على الفرس الساسانيين في معركة القادسية عام   636 م   من أقدم السجاد المعروف في العالم. ويعتقد أن أقدم سجادة هي سجادة «بازاريك» التي يعود صنعها إلى نحو خمسمائة عام قبل الميلاد.
عرفت بلاد الشام صناعة السجاد منذ القديم، وازدهرت هذه الصناعة في العصرين الأيوبي والمملوكي، ولاتزال بعض المجموعات الخاصة والمتاحف تحتفظ بقطع من السجاد المملوكي، وخاصة في إيطاليا. وقد يطلق على السجاد المملوكي اسم السجاد الدمشقي لإسهام نساجي دمشق في صناعته (الشكل1).
بعد سقوط دولة المماليك واحتلال العثمانيين بلاد الشام، انتقلت صناعة السجاد إلى بلاد آل عثمان، بعد نقل مهَرَة الصناع إليها، ورعاية السلاطين هذه الصناعة وتشجيعها، وبدأ النساجون من كرمان ودمشق والقاهرة يفِدون إلى تلك البلاد.
ومن أشهر أنواع السجاد تاريخياً السجاد الصفوي والإيراني بأنواعه والبخاري والمملوكي والعثماني والمغولي في شمالي الهند.
وكانت المواد الأولية المستعملة في صناعة السجاد تتألف من:   الصوف   والقطن والحرير. فيستعمل   الصوف   والحرير لحياكـة العقد (أي إظهار الوبرة على السجادة) أما السدى فيستخدم القطن فيها غالباً.

الشكل(1)

ولتعرف خصائص السجاد وأنواعه تراعى النواحي الآتية:

طول الوبرة ونوع النقش وإطار السجادة والشكل النهائي للسجادة وكيفية توضُّع خيوط السدى مع اللحمة والعقد. وبهذه الخصائص تتشكل أنواع السجاد وتأخذ تسمياتها ومميزاتها وفق المناطق التي صنعت فيها، ومنها:

ـ السجاد القفقاسي (القوقازي): يصنع في المناطق التي تقع بين البحر الأسود غرباً وبحر قزوين شرقاً، ويتميز سجادها بالنقوش الهندسية بشكل معينات ومسدسات، لتعطي للسجاد صفة مميزة، من حيث البيئة والمفهوم الاجتماعي، مع استخدام الألوان الصارخة والوبر الطويل.

ـ السجاد التركماني: ينسج في السهوب الأوراسية، ومن خصائص هذا النوع من السجاد استنباط رسوم ثابتة وألوان متجانسة، باستخدام أجود أنواع الصوف، من حيث نعومته ولمعانه ومتوسط طول وبرته.

 

السجاد الفارسي أو الإيراني: ويقسم السجاد الإيراني قسمين أساسيين، الأول سجاد إيراني قبلي، ويمتاز ببساطة الرسوم وحرارة اللون ومخملية الصوف   وطول الوبرة. ولذلك فإن هذا النوع من السجاد ثقيل الوزن، أما النقوش المستعملة فيه فتعتمد على أشكال نباتية كالأزهار والأشكال الهندسية البسيطة (الشكل ـ   2 ). أما الصنف الثاني من السجاد الإيراني فهو سجاد المدن، ويسمى بحسب المدينة التي يصنع فيها. ومن أهمها مدينة تبريز التي اشتهرت بصناعة السجاد الحريري ذي النقوش القريبة من الشكل الهندسي والألوان القاتمة كالأحمر القاني والأزرق الداكن.

والسجاد البيجاري نسبة إلى مدينة بيجار الإيرانية التي يتصف سجادها بحياكته المتماسكة جيداً ووبرته القصيرة وألوانه القاتمة ونقوشه ذات المناظر والأشكال الطبيعية. وهكذا يتمايز السجاد من منطقة إلى أخرى بألوانه وأسلوب نقوشه وباستخدام كل منطقة لأنواع من الصوف   تختلف من منطقة إلى أخرى حسب البيئة والطبيعة التي يعيش فيها الإنسان. وهناك مدن كثيرة إيرانية أخرى اشتهرت بصناعة سجادها المتميز منها أصفهان وقم وشيراز وغيرها.

الشكل (3) النقش الهندسي المستعمل في السجاد

ولا بد من ذكر الأسلوب الخاص بتصنيع الصوف   وصباغته التي تميزت بها تلك المناطق. فكانت عملية الصبغ تتم وفق معايير مدروسة وبأصبغة نباتية طبيعية. فبعد غسل الصوف   وتنظيفه ينقع في أحواض من الشب لتبييضه ثم يُنقل إلى أحواض الصباغ، ويترك فيها مدة تطول أو تقصر، بحسب كثافة اللون المراد الحصول عليه. وكانت عملية الصباغة تعتمد على الملونات النباتية، وهي عملية دقيقة تتطلب المهارة والفن. وقد برع صناع السجاد في استخلاص الصباغ   من النباتات لاستخدامه في صناعة السجاد.

ومما يميز ألوان الصباغ   النباتية ثباتها وجمالها مع مرور الزمن، ومن أهم المواد المستخدمة:

ـ النيلة: وتستخلص من أوراق النيلة وأزهارها لتعطي اللون الأزرق بكل درجاته، وهو من النباتات الأكثر استعمالاً في صناعة السجاد.

ـ الزعفران: ويعطي أفضل ألوان الأصفر حين تضاف إليه قشور الرمان، ويقطف الزعفران يدوياً. كما يحصل على اللون الأصفر من أوراق الكرمة واللوز.

ـ لون الفُوَّة الأحمر: ويستحصل على هذا اللون من جذور نبات الفُوَّة   rulia tinctorum  ، ويختلف اللون المستحصل عليه من الجذور بين الأحمر الفاتح والأحمر القاني أو الأرجواني، حسب عمر الجذور.

وتطورت صباغة الخيوط   إلى استعمال الأصبغة التركيبية المصنعة من المواد الكيماوية والتي تمتاز بجودتها وتنوعها.

يصنع السجاد بطريقتين إما بوساطة أنوال يدوية وإما بأنوال آلية.

1ـ الأنوال اليدوية: تتألف السدى من خيوط طولانية متوازية من القطن، على الأغلب، تشد بين نهايتي النول بطول السجادة أما اللحمة فهي الخيوط   العرضانية مفردة أو مزدوجة. وتدخل اللحمة بوساطة المكوك يدوياً فوق خيوط السدى وتحتها بالتناوب، أما العقد فهي الخيوط   الملونة من الصوف   أو الحرير تلف حول خيط السدى، وتقص من الجهة العلوية للسجاد فتعطي الوبرة. ويتم اختيار رسم السجاد من الخيال أو من رسم معين أو من نقوش سجاد قديمة.

ويقسم النقش في السجاد إلى قسمين رئيسيين:

ـ النقش الهندسي: وذلك حسب الخط المستعمل، سواء كان مستقيماً أو منحنياً، ففي النوع الهندسي ينسج النقش في خطوط مستقيمة متقاطعة أفقياً وعمودياً وقطرياً وتصير فيه الأشكال النباتية والحيوانية أشكالاً تجريدية في إطار هندسي (الشكل3).

الشكل (4) النقش الزهري أو النباتي

الشكل (5) سجادة صلاة تركية من القرن التاسع عشر

ـ أما النوع الثاني وهو النقش الزهري أو النباتي: فقد نشأ وتطور في المدن، ويعتمد في هذا النقش على الخط المائل الذي يظهر الأشكال والنباتات بواقعية أكثر، ويتطلب هذا النقش مهارة وتدريباً أكثر من النوع السابق (الشكل 4).

ومن الملاحظ أن أغلب نقوش السجاد مؤلفة من ثلاثة أطر، الإطار الواحد متوسط الموقع وهو الأساسي، ويحيط به إطاران ثانويان مكملان لشكل السجادة (الشكل 5).

الشكل (6) بعض طرائق حياكة السجاد

 2ـ الأنوال الآلية: شهدت صناعة السجاد تطوراً كبيراً بالأنوال الآلية ذات السرعات العالية، وباستخدام أجهزة الجاكار في إتمام النقوش لإظهار الأشكال والرسومات المراد تنفيذها على السجاد، عن طريق رفع الشبك بوساطة جهاز الجاكار، واستخدام الأمكاك والخطافات في عملية الحدف بدلاً من طريقة العقد اليدوية، وبهذا أمكن إنتاج كميات كبيرة من السجاد بمواصفات جيدة وبسرعة عالية، فتحقق وفر كبير بأسعار السجاد بين اليدوي والآلي (الشكل 6).

تتألف المواد الأولية المستعملة في صناعة السجاد الآلي من الخيوط  الصوفية أو الممزوجة والخيوط   التركيبية والصنعية لوبرة السجاد، أما السدى فتستعمل فيها الخيوط   القطنية والمزدوجة والتركيبية، كما تستعمل خيوط الجوت عادة للحمة السجادة.....

المجموعة البحثية في تراث الثقافة الجمالية للمرأه الاردنية
مجموعة التدريب في مجالات الصناعات الثقافية
حوارات الثراث والجمال